أشارت دراسة حديثة أن تعرض المرأة الحامل لفترات من الحزن المتكررة تؤثر سلبا علي الجنين فهي تزيد من هرمونات الإجهاد لديه وذلك عن طريق زيادة معدل ضربات القلب عن الطبيعي وأيضا زيادة ضغط الدم ومعدل التنفس بالإضافة إلي قرح المعدة وضعف المناعة والنشاط الزائد.
يؤكد لنا علي هذه الدراسة د.محمود عبد الرحمن حموده أستاذ الطب النفسي بطب الأزهر الحاصل علي جائزة الدولة في الطب النفسي ويقول أن أغلب الأمهات الحوامل يهتمن أكثر بحالة الجنين وتتجاهل أهمية حالتها النفسية التي تؤثر تلقائيا عليه... فقد أثبتت الأبحاث أن العوامل الوراثية ليست فقط التي تحدد طباع الجنين ولكن الأهم هي البيئة التي توفرها الأم له وهو ما زال جنينا، حيث يظن الكثيرون أن حياة الطفل تبدأ بعد ولادته وانه لا يتأثر بالبيئة من حوله إلا عندما يصبح قادرا علي إدراك الأشياء والتفاعل معها، ولكن الحقيقة غير ذلك.. فالطفل يبدأ تأثره بالبيئة من حوله قبل ولادته فإذا كان هناك تفاهم وحب بين الزوجين فيؤدي إلي إنسجام داخلي يعكس بدوره أداء متسقا للوظائف النفسية والجسمانية للأم.
ويوضح الدكتور أن الرحم كجميع أعضاء الجسم يتأثر بالإنفعالات النفسية، فحين يكون طبيعيا أثناء الحمل يحدث انقباضات إيقاعية مهدهدة للجنين تساعده علي الاسترخاء وتعمل علي زيادة نموه الجسماني، كما أن إيقاع قلب الأم المنتظم والذي يشبه الموسيقي منتظمة الإيقاع يعطي إسترخاء للجنين بداخله، وإفتقاده لذلك بعد الولادة يحدث توترا له.
أما إذا كان إنفعال الخوف مسيطرا علي الأم فإن ذلك يرفع نسبة الأدرينالين بالدم نتيجة لإثارة الجهاز العصبي وهذا يؤدي إلي ضيق الأوعية الدموية المؤدية إلي الرحم فيقلل من كمية الدم التي تصل إلي الجنين والتي تتغير بالزيادة والنقصان علي حسب إنفعال الأم، وان هذا التغير يحدث أضرارا جسمية ونفسية علي الجنين، ولا شك أن رحما يقل الدم فيه سوف يكون باردا ويقل الغذاء المتوفر فيه لجنين يطلب الدفء والغذاء، بالإضافة إلي ما يعكسه نقص الدفء من شعور نفسي علي الجنين ونقص الأكسجين الذي يؤدي إلي الإختناق.
وبما أن الجنين يتأثر بالحالة النفسية للأم بشكل مباشر فهو يشبع بالهرمونات التي لها علاقة بالحالة النفسية والتي تصل له من الأم وذلك بزيادة عدد ضربات القلب وضيق الأوعية الدموية وأعراض التوتر والإنفعال فهو ينقل نفس التغيرات البيولوجية التي حدثت للأم كتعبير عن الانفعال، وتكرار ذلك يعطي طفلا يعتاد الإنفعال دون أن يعي السبب، ولعل هذا يفسر خوف الأطفال بعد الولادة دون سبب واضح، فهو إعادة لما إعتاده جهازه العصبي والنفسي أثناء فترة الحمل، أي أن القلق تولد لديه من بيئة الرحم غير المستقرة وأيضا من أم قلقة.
وفي النهاية يؤكد لنا د.محمود أن الإختيار السليم لكل من الزوجين للآخر يعد شيء هاما في حالة الاستقرار النفسي بعد الزواج الذي يؤدي إلي أطفال أصحاء نفسيا وجسمانيا، فهناك جوانب أخري للإختيار من حيث صفات كل من الزوجين وقدراتهم العقلية والجسمانية، فكما يرث الطفل لون العين والشعر، يرث أيضا منهما الصفات النفسية والقدرات العقلية وأبرز هذه القدرات التي تورث هي الذكاء.
الكاتب: ريهام عبد السميع.
المصدر: جريدة الأهرام المصرية.